بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله
هذه النصيه قد نصحنا بها شيخنا الجليل الشيخ : ياسر برهامى
وهو يشرح كتابه ((منه الرحمن فى نصيحه الاخوان))
اسال الله ان ينفعنا بها
لكل طالب او طالبة علم ما قصدك من طلب العلم الشرعى؟
نقول بان المقصود من طلب العلم هو اصلاح النفس وتزكيتها وتحصيل
زيادة الايمان وليس مجرد معرفة المسائل وقيل وقال والمباهاه بما يحصل للانسان من
انواع العلوم او ان يقنع نفسه انه عالم او متعلم فهذه من اخطر الآفات
التى دخلت علينا بسبب عدم تحصيل الايمان قبل العلم عن جندب بن عبد الله قــال :
((كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان حزاورة فتعلمنا الايمان قبل
ان نتعلم القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به ايمانا)) رواه بن ماجه وصححه الالبانى
وكما قال حذيفة رضى الله عنه ((حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين
قد رايت احدهما وانا انتظر الاخر حدثنا ان الامانة نزلت فى جذر قلوب الرجال ثم نزل
القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنه)) رواه البخارى ومسلم والترمذى
والامانة هنا معناها الايمان فتعلموا الايمان اولا ثم تعلموا الكتاب والسنة بعد ذلك فازدادا
ايمانا
فالغرض والمقصود اولال ان يزداد الانسان ايمانا بمعرفه الله عز وجل ومحبته
ومعرفة ملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر ومعرفة اصول الدين وفروعه ليعمل
بها المسلم وتزكو بها نفسه فمن اخطر ما جنى به على المسلمين ان اصبحت
قضية العقيدة او قضية المنهج كلاما يقال ومسائل تعرف وتحفظ وردودا وشبهات واقوالا
وخلافا بل وتحول الفقه الى ذلك ايضا واصبحت المسائل المفرعة هى غاية
المتاخرين فكلما كان الامر شاذا ونادرا وكلما عرف الانسان كثيرا من هذه المسائل الشاذة
النادرة والتقسيمات المجمعة لها كان اكثر علما عند الناس او هكذا يظن نفسه
واذا اردت ان تنظر الى القدر الذى يحتاج اليه الانسان علميا بالفعل من هذه الاقوال
لوجدته اقل من ذلك بكثير
ولذلك كلما اقترب الانسان من المصدر الاصلى لتناول العقيدة والفقه وانواع
العلوم كلها بقربه من الكتاب والسنه اعتدل ميزانه وشعر باهمية القضايا الكبرى فى حياة
الانسان وليس ان يهتم بمسائل ربما يعيش حياته لايعمل بها مرة واحدة
واضرب مثالا لا اقصد به التهوين اوالتقليل من شان هذه المسالة بل هى مسالة من افضل
المسائل المبحوثة فقهيا ووردت بها احاديث مسالة القلة والكثرة فى الماء
(( اذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) رواه الدارقطنى وابن ماجه والحاكم بلفظ (( لم
ينجسه شىء )) وصححه الالبانى
وهذه المسالة بالنسبه الى مسائل اخرى مفرعه تعد اصلية لانه ورد بها
حديث صحيح بل جملة احاديث فى هذا الباب وهى مسالة مهمة بالتاكيد فالبحث فيها
ومعرفة الراجح فيها وقضاء الوقت فى ذلك عباده لله ولا شك فى هذا
ولكنى اقول من جهة العمل : من منا تعرض لمسالة القلتين وما دونهما فى حياته منذ التزم
وبحث عما يجوز التطهر به وما لا يجوز كم مرة احتاج ان يزن بهما الطهاره
الماء ونجاسته او طهوريته ونحو ذلك !
ومثال ثان فى مسالة عملية : حرمة الغيبة والنميمة وحرمة سوء الظن
هذه مسائل عملية خطيرة جدا تكاد تحدث للانسان كل يوم مع ان اهتمامنا بها ليس كبيرا
وهذه جناية بالتاكيد جناية على فهم الانسان لدينه ان يهمل القضايا التى
يحتاج اليها كل يوم وينبغى ان تكون حاضرة فى قلبه على الدوام مثل قضية الخوف من
الله وحده دون سواه والتوكل على الله دون سواه والتعبد له باسمائه وصفاته
فالمنهج المخالف لمنهج السلف رضوان الله تعالى عليهم ادى بنا الى ان نهتم بامور ليست
هى الاهم فى الكتاب والسنة لذلك نقول نحن ندرس المسائل المهمة فى اصول الايمان
كما بينها الرسول صلى الله عليه وسلم لكن هنا نقطة مهمة جدا وهى ان طريقة القرآن
لابد ان تملا قلوبنا ولابد ان نهتم بقراءة القرآن لتحصيل العقبده الصحيحة
فمثلا فى قضية خلق القرآن نرى قوله تعالى (( الا له الخلق والامر تبارك الله رب
العالمين)) هل هذه الاية سيقت لبيان ان القرآن غير مخلوق ام ان هذا ضمن
الفوائد الفرعية للاية بالتاكيد لم تكن القضية المطروحة على الصحابة حين نزلت الاية
ان يدرسوا مسالة خلق القرآن وان كانت دالة فعلا على ان القرآن غير مخلوق
وان الخلق غير الامر لكن كان المطلوب شهود ربوبية الله وهذا هو المقصود الاول وان
هذه الربوبية مظاهرها واضحة فى هذا الخلق الذى لا شريك لله فيه
وكذا الامر الشرعى والكونى فالله وحده الذى يامر فيكون ما امر وهذا هو الامر الكونى
والله وحده الذى له ان يامر شرعا فيلتزم الناس وتجب عليهم الطاعة
فاستحضار هذا المعنى هو المقصود الاصلى من الاية قال تعالى (( ان ربكم الله الذى
خلق السماوات والارض فى ستة ايام ثم استوى على العرش يغشى
اليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والنجوم مسخرات بامره الا له الخلق والامر تبارك الله
رب العالمين))
تامل الكلام وتدبر القضايا العضيمة الاهميه فيه تجد اثرا مختلفا تماما فى نفسك
والانسان عندما يدرس قضايا العقيدة او حتى قضايا الفقه على طريقة الكتاب والسنه
يجد اثرا مخالف تماما دراستها على طريقة علم الكلام فى العقيدة او على طريقة
المتاخرين من الباحثين فى الفروع لذلك تجد علم المتقدمين رغم قلة ما صنفه من كتب
بالنسبة للمتاخرين لايقارن بعلم المتاخرين فهذا الباب وهو معرفة مقصود العلم
مهم جدا لالكى نحصل مسائل نرد بها على المخالفين بل اهم ثمرات العلم اصلاح القلوب
واصلاح الاعمال اصلاح سلوك الانسان .
لذلك نقول ان المنهج السلفى ليس مجرد منهج فكرى اوثقافى ولا مجرد القدرة على
القول والكلام بل هو منهج متكامل فى العقيدة والعمل والعبادة والسلوك والاخلاق
والدعوة الى الله عز وجل منهج يتحرك به الانسان فى كل اجزاء حياته وليس ان يلتزم
الانسان فى باب واحد بطريقة السلف فحسب فقد يحفظ الانسان المسائل الاعتقاديه
حفظ جيدا ويحسن الاجابة عنها احسن اجابة ولكنه فى جانب السلوك والاخلاق لا يلتزم
بما شرع الله فيغتاب وينم ويكذب ويخون الامانة ويغش فى معاملاته ولا يفى
بوعده ونحو ذلك فهل هذا هو المتبع حقا للسلف كلا لا يمكن ان يكون هو ابدا ولن يكون
هو الشخص الذى نريد بناءه فى انفسنا وفى غيرنا ممن حولنا من الناس رجالا
ونساء لن يكون هو هذا الشخص بل ستكون النتيجة حتما الفشل الزريع ان يحسن الانسان
المسائل المختلفه ولكن لايحسن ان يتقى الله ولا يحسن ان يعرف ربه عز وجل
فهذه مقدمة فى ان مسائل العلم ليس الغرض منها تحصيل قيل وقال انما المقصود الاصلى
اصلاح قلب الانسان
فبهذا نكون قد انتهينا من النصيحة واسأل الله ان تكون خالصة لوجه
سبحانه وتعالى
واسالكم الدعاء بشان الاخره