السؤال
كيف أستطيع أن أعيد بناء صلتي بربي؟ فأنا أحس بأني فارغة، رغم أنني أصلي، وأستمع للمواعظ، ولكن لا أشعر بأني مؤمنة. أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أختي الفاضلة أهنئك على هذا الشعور وهذا الإحساس، وهو الإحساس بالتقصير في جناب الله تعالى، في وقت يسعى الناس فيه إلى التزود من متاع الدنيا الزائف، والانشغال بما يقسي القلب ويزيده بعداً عن الله تعالى, فهنيئاً لك هذه المشاعر، وأبشري بالخير من الله تعالى.
وتذكري أن من كان مع الله كان الله معه، ومن كان معه الله فإن معه نعم المولى ونعم النصير، إياه نعبد وإياه نستعين، ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله تعالى.
أعظم صلة بين العبد وربه هي عبادة الصلاة, فأقبلي أخية على صلاتك، وصلي صلاة مودع، واستغلي شعيرة السجود وتمريغ الجبين بكثرة الدعاء، واللجوء إلى الله تعالى بأن يحيي قلبك ويذيقك لذة وحلاوة الإيمان، وأكثري من دعاء: "اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربني لحبك".
والدعاء المأثور: "اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم، والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة" واعلمي أخية أنه يجب على العبد أن يحاسب نفسه على مكسبه فيتحرى الكسب الحلال، والمطعم الحلال، والمشرب الحلال, فأنت تعرفين الحديث الذي قال فيه الحبيب صلى الله عليه وسلم: "ومطعمه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك" صحيح مسلم (1015).
فإذا حققتِ هذه الميزة، وتخلصتِ من حقوق الخلق التي عليك، فاعلمي أن الله لن يخيبك، وما دامت الموانع غير موجودة فإن ربك قريب مجيب الدعاء.
أيضاً أوصيك بكثرة التأمل في صفات الله وأسمائه، تأملي أسماءه الحسنى وصفاته العلى، فستجدين نفسك ترفرف حول العرش، وتشعرين بروحانية عجيبة هي جنة الدنيا.
فإذا تأملتِ أنه لطيف وسميع ورحيم وودود وجبار يجبر الجبارين، ويجبر القلوب المنكسرة، وأنه سبحانه حكيم وقريب إلى آخر أسمائه سبحانه وبحمده.
فإن ذلك يبعث بلا شك شعوراً إيمانياً في قلبك ووجدانك، وستشعرين حينها أن الله تعالى قريبٌ من قلبك، وتستشعرين مراقبته, وكلما زاد إيمان العبد بربه وعظُم أوصله ذلك لدرجة الإحسان التي يعبد فيها العبد ربه كأنه يراه، وهذه أعظم المدارج وأسمى المنازل.
وأوصيك أخية بكثرة قراءة القرآن والتفكر فيه وفي معانيه، فإذا قرأت آيات الرجاء قفي عندها وتأمليها، وإذا مررت بآيات الرحمة اسألي ربك الجنة، وإذا مررت بآيات العذاب اسألي ربك النجاة, وهكذا.
تأملي في مخلوقات الله الكونية، السماء والأرض والنجوم والرمال والجبال والبحار والهواء وغيرها, اسألي نفسك من الذي خلقها وأوجدها, من الذي أبدعها وفطرها، من الذي يسيرها ويختار لها. قال تعالى: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب" [آل عمران:190].
فإني على يقين أخية ستشعرين حينها بقوة صلتك بالله تعالى، وأنك تعبدين رباً حياً قيوماً سبحانه وبحمده. وخير ما يتزود به العبد ذكر الله تعالى، فأدمني ذكره، وتأكدي أنك ستنالين طمأنينة القلب، فقد قال تعالى: "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد:28]. وأوصيك بقراءة كتاب "تهذيب مدارج السالكين"، فستجدين فيه مرادك وبغيتك. أسأل الله تعالى أن يذيقنا وإياك حلاوة الإيمان وبرد العيش وحسن الممات.
المجيب فوز بنت إبراهيم الغربي
بكالوريوس لغة عربية من جامعة الملك سعود